الدروة 24 متابعة عماد وحيدال
الحاج نورالليل مصطفى، أحد الأعلام البارزة في مجال التعليم والتربية في المغرب وخارجه، يواصل رحلته المعرفية بين البلدان، من المغرب الحبيب إلى الجزائر وتونس وعمان ودبي، وصولاً إلى دول أوروبا مثل فرنسا، بلجيكا، واليونان. وقد كان له دور محوري في عدة مؤسسات تربوية دولية، حيث أثرى مسيرته بالعديد من الأبحاث والمؤلفات التي تسلط الضوء على تطور التعليم ومراحله المختلفة.في مقابلة إذاعية مؤخراً، شارك الأستاذ نورالليل مصطفى في برنامج “المغرب والمغاربة” الذي أذيع يوم الأربعاء الماضي، مستكملاً النقاش مع مدير أكاديمية فاس حول موضوع التعليم بين الأمس واليوم. تطرق الحاج نورالليل في مداخلته إلى العديد من المواضيع الجوهرية التي أثارت فضول المتتبعين، بدءاً من بزوغ الاستعمار إلى يومنا هذا.أوضح الحاج نورالليل في حديثه أن التعليم في المغرب شهد تطورات كبيرة منذ فترة ما قبل الاستقلال، حين كان عدد سكان المغرب يبلغ 6 ملايين نسمة فقط.
ورغم استقلال البلاد، ما زالت اللغة الفرنسية مغروسة في المناهج التعليمية والإدارات الحكومية، مما يثير العديد من التساؤلات حول استمراريتها وأثرها على الهوية الوطنية.كما تحدث الحاج نورالليل عن الفرق بين التعليم العمومي والخصوصي، وكيف أصبحت المدارس الخاصة تفرض هيمنة على النظام التعليمي المغربي. وقد أشار إلى مسألة تنقيط الطلاب الذي وصل إلى معدلات غير مسبوقة تصل إلى 19/20، مما يطرح تساؤلات حول مستوى التقييمات الحالية.أعرب الحاج نورالليل عن اهتمامه العميق بمهنة التعليم، مسلطاً الضوء على الإضرابات التي يقوم بها الأساتذة المتعاقدون، والتحديات التي يواجهونها في ظل عدم استقرارهم الوظيفي. وذكر أن هذه الإضرابات تعكس مطالب مشروعة، لكنها أيضاً تؤثر على استمرارية العملية التعليمية.وأكد على ضرورة تحسين ظروف العمل للأطر التربوية، مشيراً إلى أهمية الإصلاحات المستقبلية التي يتعين أن تشمل نظام التعليم بأكمله، مع التركيز على التعليم في العالم القروي وخريطة الطريق المتبعة لتحسين البنية التحتية والمدارس في المناطق النائية.لم يغفل الحاج نورالليل الحديث عن التعليم الديني التقليدي الذي كان يُقدَّم في بعض الزوايا، حيث كان يتم تدريس علوم الدين واللغة العربية وفق مناهج قديمة تعتمد على كتب ابن كثير. ورغم التطورات التي شهدتها البلاد، فإن التعليم الديني ما زال يلعب دوراً مهماً في الهوية الثقافية والدينية للمجتمع المغربي.أشار الحاج نورالليل أيضاً إلى التحديات التي فرضتها التكنولوجيا الحديثة، وخاصة الهواتف الذكية، على نمط التعلم التقليدي. حيث لم تعد القراءة في الكتب بنفس الزخم الذي كان في السابق، مما يتطلب استراتيجيات جديدة لتعزيز حب المعرفة والقراءة بين الأجيال الشابة.وفي سياق حديثه، أثنى الحاج نورالليل على مجموعة من الأساتذة في مدينة ابن أحمد الذين ساهموا في إثراء المجال التعليمي، مثل الأستاذ أحمد أخضر غزل، المعروف بلقب “الغزال”، الذي ألّف كتباً مهمة حول اللسانيات. هذه الجهود تمثل نموذجاً للإبداع الأكاديمي الذي ينبع من المدن الصغيرة، مشدداً على أهمية دعم مثل هذه المبادرات.لم يغفل الحاج نورالليل التطرق إلى الميثاق الوطني للتربية والتكوين لسنة 1999، مؤكداً أن هذا الميثاق كان خطوة مهمة نحو إصلاح التعليم في المغرب، لكنه يرى أن الوقت قد حان لمراجعة هذه الإصلاحات وتكييفها مع التحديات الراهنة.لقد أثارت مداخلة الأستاذ الحاج نورالليل إعجاب العديد من الأساتذة والمتتبعين في مدينة ابن أحمد وخارجها. يقول أحد الأساتذة: “الحاج نورالليل هو نموذج حي للأستاذ الباحث الذي لم يتوقف عن العطاء رغم تقاعده، مسيرته حافلة بالإنجازات التربوية التي أسهمت في تطوير التعليم في المغرب وخارجه”. فيما علق آخر: “ما قدمه الحاج نورالليل من أفكار حول إصلاح التعليم هي رؤى تستحق المتابعة، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها القطاع التعليمي اليوم”.في ختام هذه المقالة، يبقى السؤال مطروحاً: إلى أين يتجه التعليم في المغرب؟ وماذا ينتظر الأجيال القادمة في ظل التطورات المتسارعة؟ الحاج نورالليل مصطفى قدم رؤيته المستقبلية للتعليم، ولكن يبقى التنفيذ مرهوناً بإرادة سياسية قوية وإصلاحات جذرية تعيد للتعليم دوره المحوري في بناء مجتمع المعرفة.