
مكتب جريدة الدروة24 تطوان حسن برهون
تعيش مدينة الفنيدق المتاخمة لمدينة سبتة منذ عدة أيام إنزالا أمنيا غير مسبوق لمختلف الأجهزة من شرطة ودرك وقوات مساعدة وغيرها، استعدادا لمواجهة شباب قرر المغادرة الجماعية للبحث عن ظروف عيش أفضل.ورغم الحملات التي لم تتوقف خلال الأيام الماضية لمنع مشهد “فرار جماعي”، عبر توقيف المشتبه في رغبتهم بالـ”حرݣ” في أحياء الفنيدق ونواحيها، وفي محطات الحافلات ومحطة القطار بطنجة، والسدود الأمنية المنتشرة والتأكد من هويات الوافدين على المنطقة الحدودية، إلا أن ذلك لم ينجح في ردع المحاولة.

ووجد العشرات من الشباب أنفسهم خلال الأيام الماضية، في مدن بعيدة لا يعرفون عنها شيئا، بعدما تم توقيفهم وترحيلهم في حافلات، لمنعهم من المشاركة في “مخطط 15 شتنبر”. وقد أكدوا في تصريحات متفرقة أنه يتم تعنيفهم وسلبهم ما يملكون، لمنعهم من أي محاولة للعودة إلى الفنيدق، مضيفين أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد وسيواصلون المحاولة إلى حين النجاح في العبور نحو “حلمهم” أو يلقوا حتفهم.وإلى جانب السلطات المغربية التي عمدت إلى نشر مختلف تشكيلات قوات الأمن، شهدت مدينة سبتة المحتلة بدورها إنزالا أمنيا بحضور دبابات ومدرعات عسكرية وطائرات هيليكوبتر اسبانية لمنع أي محاولة محتملة للقفز على السياج أو السباحة الجماعية.

وفي الجانب المغربي، توالت الانتقادات اللاذعة للسلطات بسبب هذا المشهد المؤسف، لشباب كان الأولى ببلدهم أن يستفيد منهم، عوض أن يتحول إلى دركي لحماية حدود أوروبا.وأكد نشطاء أن اليأس دفع هؤلاء الشباب في مقتبل العمر إلى الخروج من السرية في محاولة الهجرة، إلى الدعوة الجهرية والعلنية للخروج الجماعي، وهو ما يحاكم السياسات العمومية وفشل وجشع المسؤولين، في بلد يلتهم الفساد فيه 50 مليار درهم سنويا، الأولى توجيهها للتنمية.ومن بين الانتقادات التي عجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، ما جاء في إحدى التدوينات “هذا الاستنفار والاستعراض الأمني هدفه تخويف ومنع الشباب الذين ضربوا موعدا يوم 15 شتنبر للقيام بهجرة جماعية نحو اسبانيا انطلاقا من الشواطئ الشمالية للمغرب…
جهد كبير للدولة هكذا يظهرون.. لو بذلته في التعليم والتشغيل وتوفير العيش الكريم لما حج كل هؤلاء اليائسون نحو مصير مجهول يتساوى فيه الموت بالحياة، تاركين خلفهم قلوبا مكلومة وبقايا وطن”.في وقت سابق حظيت الدعوة للهجرة الجماعية تجاه مدينة سبتة المستعمرة الإسبانية بانتشار واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي في المغرب، فيما تعاملت السلطات المغربية والإسبانية معها بجدية وحزم.وظهرت العديد من مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب لشباب يدعون إلى هجرة جماعية من الفنيدق في شمال المغرب إلى مدينة سبتة.وتتزايد الدعوة للهجرة غير النظامية في الفترة الأخيرة بين الشباب المغربي إلى الجوار الإسباني سباحة بين ساحلي المتوسط، وذلك لأن الضباب الكثيف يغطي هذه المنطقة، مما يعتبر عاملا مساعدا لهذه الهجرة.وحسب الدعوة، فإن الانطلاق يكون من مدينة الفنيدق شمال المغرب، والتي تبعد 5 كلم سباحة عن مدينة سبتة المحتلة، ويعبر المهاجرون السياج الحدودي بين المدينتين.

ولاقت هذه المقاطع إقبالا لدى فئة من الشباب الذين ركبوا المغامرة وقرروا تقاسم تدوينة الهجرة السرية في 15 سبتمبر الحالي، والذي يوافق اليوم الأحد.بدورها تعاملت الشرطة المغربية مع هذه الدعوات بجدية تامة وأرسلت تعزيزات أمنية ومعدات متطورة إلى الشريط الساحلي الممتد بين مدينة الفنيدق ومدينة سبتة للتصدي لتلك المحاولات، كما فرضت رقابة على جميع سيارات الأجرة المتجهة نحو مدينة الفنيدق.وتوجهت الشرطة كذلك إلى المنصات الرقمية، واعتقلت 60 مواطنًا مغربيًا في 10 مدن مختلفة بتهمة التحريض عبر الإنترنت وفبركة ونشر الأخبار الزائفة.في الأثناء شهدت مدينة سبتة زيادة في وجود الحرس المدني الإسباني وسط حالة من الترقب الحذر في المدينة.تفاعل المغاربةورصد برنامج شبكات (2024/9/15) جانبا من تفاعل مغاربة مع الأمر، ومن ذلك ما كبته لحسين دي مسعود “لو كانو كيتحركو باش (لو تحركوا حتى) يحلو المشاكل بهاد السرعة اللي تحركو بها باش يمنعو الشباب يديرو هادشي كون راه وصلنا لواحد المرتبة مزيانة (كنا وصلنا لمرتبة حسنة) ولكن مع الأسف”.وطرح الحاجي إلياس في تغريدة تساؤلات حول الدوافع وراء دعوات الشباب للهجرة الجماعية وكتب “ما الذي يدفع هؤلاء الشباب إلى المجازفة بحياتهم ومستقبلهم؟ هل هي الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المغرب؟ أم أن هناك عوامل أخرى سياسية أو اجتماعية تدفعهم إلى اتخاذ هذا القرار”.أما سيد البوفراحي، فغرد “حتى لو افترضنا تمكنوا إلى الذهاب إلى الضفة الأخرى سباحة أو سيرا.. هل سيجدون من سيستقبلهم بالاحضان هناك؟ البقاء للأقوى إذا كان الوافد ابن دارهم سيعاني القوي يأكل الضعيف سبتة ومن لا يعرفها مدينة صغيرة”.

وكتب ابن العزيز “سلوكات ناتجة عن دعوات مشبوهة مغرضة تغرر بالقاصرين وتنشر معطيات خادعة لتعريض سلامتهم للأذية.. يجب على المنابر الإعلامية التوجيه والتنبيه حفاظا على سلامة الجميع”.بينما كتبت فاتي فاطيمو “دوما ما نقولها الضغط يولد الانفجار، شباب حامل للشهادات بين شبح البطالة وغلاء الاسعار وتدني الخدمات العمومية من صحة و تعليم..، رغم أن البلاد تنعم بثروات هائلة”.وتجرم المحاكم المغربية فعل التحريض بالسجن النافذ وتعاقب كل شخص غادر التراب المغربي بصفة سرية بالحبس من شهر إلى 6 أشهر، كما يجرم القانون الإسباني هجرة القاصرين كما البالغين بطريقة غير قانونية، ويعاقب المهرب أو المحرض ومن كان معهما خلال ارتكاب هذا الفعل بين 4 و8 سنوات.وتعيش الحدود مع مدينة سبتة المحتلة توترا كبيرا، عرف أوجه الليلة الماضية، بعدما قررت مجموعات من اليافعين المغاربة، مواجهة التطويقات الأمنية بالقوة في محاولة للدخول إلى الثغر المحتل.اليافعون، ومن بينهم قاصرون، لجأوا للعنف واستعمال الحجارة من أجل تنفيذ الهجرة الجماعية التي تم الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي في 15 شتنبر، وهو ما خلف توقيفات في صفوفهم، مع ترحيلهم إلى مدن بعيدة.وتجددت صباح اليوم مواجهة المئات من الشباب المحاولين الهجرة والقوات الأمنية، حيث عمد هؤلاء إلى محاولة اقتحام معبر سبتة بالقوة. وتستمر في هذه الأثناء، محاولة قوات الأمن المغربية والإسبانية، منع الدخول الجماعي للمدينة المحتلة، بعد ليلة من التوتر.